لقد ألقت الحرب في اليمن بظلالها الطويلة على عائلتي، وتشتتنا في جميع أنحاء العالم وأعادت تشكيل حياتنا بطرق غير متوقعة. لقد كان تأثير الصراع عميقًا، حيث مزقتنا جسديًا وثقافيًا، وتركت علامة لا تمحى على قبيلتنا التي كانت متماسكة ذات يوم.
مع الثورة التي تسببت بها الحرب، صارت تجمعات العائلة ذكرى بعيدة، استبدلت بالمسافات الجغرافية التي تفصلنا الآن. أجبر أبناؤنا وبناتنا، الذين كانوا مرتبطين ذات مرة بالنسيج الغني للتقاليد اليمنية، على النمو وسط الاضطرابات. تميز مرور الوقت بتغيراتهم، فقد تركوا طفولتهم وراءهم، واعتنقوا ثقافات جديدة، وأصبحوا أفرادًا منفتحين متشكلين من المجتمعات التي وجدوا أنفسهم فيها.
أثرت علينا السنوات الثماني من البعد بشكل غير متوقع.
لقد أصبحنا متصلين من خلال الوسائط الحديثة، نعتمد على وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية لسد الفجوة بيننا. تم إنشاء مجموعات الواتساب، في محاولة للحفاظ على الروابط العائلية، ومع ذلك حتى هذه الخيوط الافتراضية لا يمكن أن تتصدى تمامًا للتغييرات التي جلبتها الحياة.
أصبح بعض أطفالنا منفصلين بشكل متزايد، يقومون بصياغة مسارات جديدة، بدت في بعض الأحيان بعيدة عن القيم الأساسية، التي شاركناها ذات مرة.
لم تكن حصيلة الصراع عاطفية فقط، بل كانت مالية أيضًا. فقد بعض أحبائنا وظائفهم، ويواجهون فقدان الاستقرار المالي وسبل العيش. أجبرهم النضال من أجل البقاء وسط اضطراب الحرب على التكيف، للتنقل في تحديات جديدة بعيدًا عن الخلفية المألوفة لليمن.
على الرغم من المصاعب، أظهرت عائلتنا مرونة ملحوظة. لقد تعلمنا أن نقدر اللحظات التي نشاركها، وأن نحتفل بالروابط التي تمكنا من الحفاظ عليها. في حين أن البعض ربما يكون قد انجرف بعيدًا، فإن تاريخنا الجماعي وتجاربنا المشتركة لا تزال تربطنا، حتى لو أن هذه الروابط الآن تحفظ من خلال الواجهات الرقمية بدلاً من الوجود الجسدي.
أجبرتنا الحرب في اليمن على التطور، والتعامل مع التغييرات الإيجابية والمؤلمة معًا.
ونحن نتنقل في هذا الواقع الجديد المعقد، نحمل روح اليمن التي لا تغلب بداخلنا، على الرغم من المسافات الجسدية التي تفصلنا، والتحولات التي جلبها الوقت.
غالبًا ما يفشل الأشخاص الذين يخططون للحروب ويموّلونها، ويضعون خطط المساعدات ويحاولون التفاوض من أجل السلام، في التحدث إلى الأشخاص الذين يعيشون في قلب كل تلك الأحداث.
قبل فترة طويلة من سيطرة غزة على عناوين الأخبار، كان مصطلح «أسوأ أزمة إنسانية في العالم» يُشير في كثيرٍ من الأحيان إلى اليمن. وقد خلّفت حرب اليمن المُدمّرة والانهيار الاقتصادي، اللذان بدآ قبل تسع سنوات، مئات الآلاف من القتلى بسبب العنف والمرض والمجاعة ونقص الرعاية الصحية. وتأثر عشرات الملايين غيرهم من الصراع اليمني، لكن قصة ذلك الصراع غالبًا ما رُويت، حتى الآن، على لسان الصحفيين والمنظمات الإغاثية والسياسيين.
كيف اختبر اليمنيّون فعليًا هذه الصعوبات؟ لمعرفة ذلك، طرح مشروع الاستماع إلى اليَمنيّين سؤالاً واحدًا على اليمنيين: «كيف أثّرت الحرب في اليمن على حياتك؟»
وأجاب عليه أكثر من 100 يمني– من داخل البلاد ومن جميع أنحاء العالم – حيث أرسلوا رسائل بريد إلكتروني ورسائل واتساب وملاحظات صوتية ومقاطع فيديو وقصائد وصور.
تتضمن تلك الرسائل شهادات عن خسارة الأحباب والممتلكات والحياة في المنفى، وما يعنيه العيش في ظل القصف والمعارك البرّية، ولكن هناك أيضًا حكايات عن الحب والترابُط العائلي، والصمود الشخصي والمهني في وجه العقبات التي قد تبدو مستحيلة.
عندما تتصدر وقائع اليمن عناوين الأخبار، فإنها، في كثير من الأحيان، تتحوّل إلى روايات مجهولة الهوية. لنبتعد عن ذلك ونلقي نظرة على الحياة خلف عناوين الأخبار، ونستمع إلى اليمنيين وهم يروون قصصهم، بكلماتهم الخاصة، باللغتين العربية والإنجليزية.
* لا تستطيع وكالة «ذا نيو هيومانيترين» التحقق بشكلٍ مستقل من تفاصيل كل قصة على حدة، وقد تم تحرير الأسلوب والطول ومستوى الوضوح في تلك القصص.
كيف جمع مشروع الاستماع إلى اليَمنيّين تلك القصص؟
طلبنا من الناس إرسال قصصهم، باللغة العربية أو الإنجليزية، من خلال نموذج عبر الإنترنت، أو عبر البريد الإلكتروني أو الفيسبوك، أو باستخدام رقم مُخصص للتواصل عبر واتساب. وبمجرّد وصول المُشاركات، طلبنا من الصحفيين المحليين جمع القصص من مختلف أنحاء اليمن التي لم يتم تمثيلها بشكلٍ جيد حتى الآن في المشاركات.
لماذا لم يتم نشر جميع القصص؟
لسوء الحظ، لم تتوفر لدينا المساحة الكافية لنشر جميع القصص، لكننا قرأنا كل قصة وردت إلينا.
هل تم تحرير القصص؟
تم تحرير القصص من حيث الأسلوب والطول والوضوح، كما أضفنا القليل من السياق إلى بعض القصص لمُساعدة القرّاء الذين لا يعرفون الكثير عن حرب اليمن، ولم تكن الترجمات بين اللغات ترجمة حرفية دائمًا.
ما الذي سيقوم به مشروع الاستماع إلى اليَمنيّين في المرحلة القادمة؟
سيستضيف المشروع فعاليات عبر الإنترنت وفعاليات حضورية تتمحور حول المشروع واليمن والصحافة الشاملة. اضغط هنا لتلقي المستجدات.
لدي فكرة لمشروع استماع خاص بي. مع من يجب أن أتواصل؟
يمكنك التواصل مع البريد الإلكتروني yemenlistening@thenewhumanitarian.org واستخدام عنوان الرسالة التالي: «فكرة مشروع استماع». إذا كان لدينا ما يكفي من المتقدّمين، سندعوك لحضور وُرَش عمل مستقبلية حول ما تعلمناه في عملية إنشاء مَشروع الاستماع إلى اليَمنيّين، وسنساعدك على التواصل مع الأشخاص الآخرين المهتمّين بنفس الأفكار.أين يمكنني معرفة المزيد حول اليمن؟
سيطر المتمردون الحوثيون، الذين يُطلق عليهم رسميًا اسم جماعة «أنصار الله»، على العاصمة اليمنية صنعاء في أواخر عام 2014. وفي مارس (آذار) من عام 2015، بدأ تحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في قصف الأجزاء التي يسيطر عليها الحوثيون في البلاد، كجزءٍ من حملة عسكرية لدعم الحكومة اليمنية المُعترف بها دوليًا.
يمكنك العثور على جميع مراحل تغطية وكالة «ذا نيو هيومانيترين» للحرب والأزمة الإنسانية في اليمن هنا.
ما هي وكالة «ذا نيو هيومانيترين»؟
«ذا نيو هيومانيترين» هي وكالة إخبارية غير ربحية تسخّر الصحافة عالية الجودة والمستقلة في خدمة ملايين الأشخاص المتضررين من الأزمات الإنسانية حول العالم. نحن ننقل الأخبار من قلب الأحداث والصراعات والكوارث لنشر الوعي بشأن التدابير الوقائية والاستجابة المناسبة.
الإخراج والمونتاج: | آني سليمرود |
تنسيق المشروع: | نهى الجنيد |
الترجمة: | سهى الجنيد ومؤسسة «نـتكلّم» |
إنشاء الموقع الإلكتروني: | مارك فير |
إنتاج محتوى الجمهور: | ويتني باترسن |
الفعاليات: | مات كروك |