بدأت قصتي عندما كنت صغيرة، إذ سُمح لي بالذهاب إلى المدرسة، وهي فرصة لا تُعطى لكل فتاة في اليمن. بعد ذلك، حصلت على منحة لدراسة الطب في إحدى أفضل الجامعات في الوطن العربي. كانت أول مرة أغادر فيها وطني، عندما صعدت الى الطائرة.
تركت عائلتي وكل شيء ورائي، وتزودت فقط بأحلامي وطموحاتي. كنت أخطط دائمًا لرد الجميل الذي قدمه لي بلدي اليمن، من خلال العودة إليه وتطبيق ما تعلمته. لكن قبل أن أتمكن من فعل ذلك، أخذت الحرب كل شيء جميل، حتى والدي. ومع ذلك، لم أتردد في العودة الى موطني.
اشتدّت الحاجة إلى الأطباء أثناء الحرب أكثر من أي وقت مضى. أتذكر أنني شاهدت مناوشات في ليلة ما بين مجموعات مختلفة، وحرب شوارع. تم قطع كافة الطرق في مدينة الحديدة، ولم يتمكن أحد من مغادرة منزله. لكنني شعرت بالمسؤولية تجاه مرضاي، فحاولت التسلل إلى المستشفى. لقد كان خطأ مني أن أفعل ذلك. ما رأيته كان أسوأ من أي شيء كنت أتخيله: مسلحين، ورصاصًا يتطاير من السماء، ودبابات. وصلت إلى المستشفى، لكن ذلك لم يبدد خوفي. في تلك الليلة، شعرت بالقلق من أنني لن أتمكن أبدًا من العودة إلى المنزل ورؤية عائلتي مرة أخرى.
ومع مرور الوقت واستمرار الصراع، أدركت أن معاناتي لا تنبع فقط من سماع القنابل وطلقات الرصاص أو رؤية الناس وهم يموتون من دون الحصول على العلاج الطبي الأساسي. بل أتت معاناتي أيضًا من مشاهدة الوفيات بسبب البرد أو الجوع، وبسبب صعوبة الانفصال عن صديق أو قريب، وعدم معرفة ما سيكون مصيرنا أيضًا. حاولت أن أتمسك بالأمل، وأن أؤمن بأن الغد سيكون أفضل.
حاولت أن أنقذ نفسي، لكن كل يوم كان يحمل معه نوعًا جديدًا من الألم، كرؤية امرأة مع طفلها يبحثان عن الطعام عند صندوق القمامة، ورؤية طفل يبيع المياه على جانب الطريق بدلاً من الذهاب إلى المدرسة، ورؤية رجل يتسول لأن أولاده لم يأكلوا منذ أيام. لم يكن أحد منهم يهتم بالقتال، لأن الرصاص ربما يكون ألطف طريقة للموت في هذه الحرب. بعدها جاء اليوم الذي قررت فيه مغادرة اليمن. حيث إنني أدركت أنني بحاجة إلى تحسين نفسي ومواصلة تعليمي وصقل مهاراتي، إذا كنت حقًا أريد مساعدة الآخرين.
غالبًا ما يفشل الأشخاص الذين يخططون للحروب ويموّلونها، ويضعون خطط المساعدات ويحاولون التفاوض من أجل السلام، في التحدث إلى الأشخاص الذين يعيشون في قلب كل تلك الأحداث.
قبل فترة طويلة من سيطرة غزة على عناوين الأخبار، كان مصطلح «أسوأ أزمة إنسانية في العالم» يُشير في كثيرٍ من الأحيان إلى اليمن. وقد خلّفت حرب اليمن المُدمّرة والانهيار الاقتصادي، اللذان بدآ قبل تسع سنوات، مئات الآلاف من القتلى بسبب العنف والمرض والمجاعة ونقص الرعاية الصحية. وتأثر عشرات الملايين غيرهم من الصراع اليمني، لكن قصة ذلك الصراع غالبًا ما رُويت، حتى الآن، على لسان الصحفيين والمنظمات الإغاثية والسياسيين.
كيف اختبر اليمنيّون فعليًا هذه الصعوبات؟ لمعرفة ذلك، طرح مشروع الاستماع إلى اليَمنيّين سؤالاً واحدًا على اليمنيين: «كيف أثّرت الحرب في اليمن على حياتك؟»
وأجاب عليه أكثر من 100 يمني– من داخل البلاد ومن جميع أنحاء العالم – حيث أرسلوا رسائل بريد إلكتروني ورسائل واتساب وملاحظات صوتية ومقاطع فيديو وقصائد وصور.
تتضمن تلك الرسائل شهادات عن خسارة الأحباب والممتلكات والحياة في المنفى، وما يعنيه العيش في ظل القصف والمعارك البرّية، ولكن هناك أيضًا حكايات عن الحب والترابُط العائلي، والصمود الشخصي والمهني في وجه العقبات التي قد تبدو مستحيلة.
عندما تتصدر وقائع اليمن عناوين الأخبار، فإنها، في كثير من الأحيان، تتحوّل إلى روايات مجهولة الهوية. لنبتعد عن ذلك ونلقي نظرة على الحياة خلف عناوين الأخبار، ونستمع إلى اليمنيين وهم يروون قصصهم، بكلماتهم الخاصة، باللغتين العربية والإنجليزية.
* لا تستطيع وكالة «ذا نيو هيومانيترين» التحقق بشكلٍ مستقل من تفاصيل كل قصة على حدة، وقد تم تحرير الأسلوب والطول ومستوى الوضوح في تلك القصص.
كيف جمع مشروع الاستماع إلى اليَمنيّين تلك القصص؟
طلبنا من الناس إرسال قصصهم، باللغة العربية أو الإنجليزية، من خلال نموذج عبر الإنترنت، أو عبر البريد الإلكتروني أو الفيسبوك، أو باستخدام رقم مُخصص للتواصل عبر واتساب. وبمجرّد وصول المُشاركات، طلبنا من الصحفيين المحليين جمع القصص من مختلف أنحاء اليمن التي لم يتم تمثيلها بشكلٍ جيد حتى الآن في المشاركات.
لماذا لم يتم نشر جميع القصص؟
لسوء الحظ، لم تتوفر لدينا المساحة الكافية لنشر جميع القصص، لكننا قرأنا كل قصة وردت إلينا.
هل تم تحرير القصص؟
تم تحرير القصص من حيث الأسلوب والطول والوضوح، كما أضفنا القليل من السياق إلى بعض القصص لمُساعدة القرّاء الذين لا يعرفون الكثير عن حرب اليمن، ولم تكن الترجمات بين اللغات ترجمة حرفية دائمًا.
ما الذي سيقوم به مشروع الاستماع إلى اليَمنيّين في المرحلة القادمة؟
سيستضيف المشروع فعاليات عبر الإنترنت وفعاليات حضورية تتمحور حول المشروع واليمن والصحافة الشاملة. اضغط هنا لتلقي المستجدات.
لدي فكرة لمشروع استماع خاص بي. مع من يجب أن أتواصل؟
يمكنك التواصل مع البريد الإلكتروني yemenlistening@thenewhumanitarian.org واستخدام عنوان الرسالة التالي: «فكرة مشروع استماع». إذا كان لدينا ما يكفي من المتقدّمين، سندعوك لحضور وُرَش عمل مستقبلية حول ما تعلمناه في عملية إنشاء مَشروع الاستماع إلى اليَمنيّين، وسنساعدك على التواصل مع الأشخاص الآخرين المهتمّين بنفس الأفكار.أين يمكنني معرفة المزيد حول اليمن؟
سيطر المتمردون الحوثيون، الذين يُطلق عليهم رسميًا اسم جماعة «أنصار الله»، على العاصمة اليمنية صنعاء في أواخر عام 2014. وفي مارس (آذار) من عام 2015، بدأ تحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في قصف الأجزاء التي يسيطر عليها الحوثيون في البلاد، كجزءٍ من حملة عسكرية لدعم الحكومة اليمنية المُعترف بها دوليًا.
يمكنك العثور على جميع مراحل تغطية وكالة «ذا نيو هيومانيترين» للحرب والأزمة الإنسانية في اليمن هنا.
ما هي وكالة «ذا نيو هيومانيترين»؟
«ذا نيو هيومانيترين» هي وكالة إخبارية غير ربحية تسخّر الصحافة عالية الجودة والمستقلة في خدمة ملايين الأشخاص المتضررين من الأزمات الإنسانية حول العالم. نحن ننقل الأخبار من قلب الأحداث والصراعات والكوارث لنشر الوعي بشأن التدابير الوقائية والاستجابة المناسبة.
الإخراج والمونتاج: | آني سليمرود |
تنسيق المشروع: | نهى الجنيد |
الترجمة: | سهى الجنيد ومؤسسة «نـتكلّم» |
إنشاء الموقع الإلكتروني: | مارك فير |
إنتاج محتوى الجمهور: | ويتني باترسن |
الفعاليات: | مات كروك |