عندما بدأت الحرب في اليمن في عام 2014، كنت حينها في تونس للمشاركة في منتدى للصحفيين مع مجموعة من اليمنيين.
في اليوم الثالث لي في مدينة تونس، نزلت من غرفتي في الفندق إلى قاعة المنتدى، وانصدمت بخبر الغارات التي شنها التحالف على اليمن، وبخبر الحرب!! كان كل زملائي اليمنيين المشاركين في المنتدى في حالة صدمة وحزن!! وقتها كنت بحالة صدمة وحزن وخوف على أهلي وبلدي. حتى أنني لم أستطع حضور باقي أيام المنتدى وحبست نفسي في غرفة الفندق وأنا أتابع أخبار الحرب وأتواصل مع أهلي.
الأمر الذي زادني سوءًا، هو أنني عندما ذهبت مع الوفد اليمني إلى السفارة اليمنية في تونس، أخبرنا القنصل أننا لن نستطيع العودة إلى اليمن بسبب الحظر جوي! كان الخبر كارثيًا بالنسبة لي، حتى أنني دخلت في حالة اكتئاب! جلست أسبوعًا كاملًا في غرفتي في الفندق وأنا أتابع الأخبار وأدخل في نوبات طويلة من النوم!
بعد مرور أربعة أشهر على تواجدي في تونس، قررت أن أسافر إلى مصر لتواجد بعض أصدقائي هناك، أو إلى تركيا بعد أن تقدمت للعمل في إحدى القنوات اليمنية التي استأنفت عملها من اسطنبول! في اليوم الذي حصلت فيه على تأشيرة لدخول مصر، تواصلت معي السفارة اليمنية وأخبروني أنهم وجدوا لنا فرصة للعودة إلى اليمن من الأردن!! وقتها كنت محتارة. هل أسافر إلى مصر ومن ثم تركيا وأمارس عملي الصحفي من هناك، أو أرجع إلى بلدي!! كان القرار أخيرًا أن أعود إلى اليمن. جهزت نفسي للسفر وذهبت في اليوم الثاني إلى المطار وسافرت إلى الأردن! في الأردن، انتظرت يومين لرحلتي إلى اليمن عبر طيران اليمنية. وفي طريق عودتنا إلى اليمن، نزلت الطائرة في مطار بيشة السعودي للتفتيش، حيث بقينا ما يقارب ثلاث ساعات!! ثم تحركت الطائرة باتجاه مطار صنعاء، لنتفاجأ بصوت كابتن الطائرة يقول لنا إننا سنعود إلى مطار بيشة لأن مطار صنعاء يتعرض للقصف، وهناك حظر جوي. انتابني الخوف حينها وبكيت لأنني لن أستطيع العودة!! انتظرنا في مطار بيشة ساعتين، حتى جاء خبر رفع الحظر، فتحركت الطائرة باتجاه مطار صنعاء.
بعد وصولي إلى صنعاء، جلست لفترة أشهر في البيت ولم أتمكن من مزاولة مهنتي بسبب إغلاق كل المؤسسات الإعلامية والصحفية، وملاحقة الصحفيين.
بعد سنة ونصف من الحرب، تزوجت بزميلي الصحفي الذي هرب إلى مدينة عدن خوفًا من الاختطاف، خاصة وأن الكثير من زملائنا الصحفيين تعرضوا للاختطاف والإخفاء القسري من قبل الحوثيين. انتقلت إلى مدينة عدن وعدت لمزاولة مهنتي كمحررة أخبار لصالح موقع صحفي بعد سنة ونصف من الحرب، والتحقت برابطة أمهات المختطفين في عدن للمطالبة بالمختطفين الذين اعتقلتهم واختطفتهم قوات الانتقالي في سجون استحدثتها الإمارات.
بقيت في عدن لمدة سنة، ولكن كصحفيين، وبسبب عملي، أصبح عملنا صعبًا في عدن، وكانت حياتنا مهددة.
قررنا الانتقال إلى مدينة مأرب. وانتقلت إلى مدينة مأرب، حيث واجهت صعوبة بالتأقلم بسبب جو المدينة وطبيعتها الصحراوية. مرت أربع سنوات وأنا مستقرة في مدينة مأرب.
غالبًا ما يفشل الأشخاص الذين يخططون للحروب ويموّلونها، ويضعون خطط المساعدات ويحاولون التفاوض من أجل السلام، في التحدث إلى الأشخاص الذين يعيشون في قلب كل تلك الأحداث.
قبل فترة طويلة من سيطرة غزة على عناوين الأخبار، كان مصطلح «أسوأ أزمة إنسانية في العالم» يُشير في كثيرٍ من الأحيان إلى اليمن. وقد خلّفت حرب اليمن المُدمّرة والانهيار الاقتصادي، اللذان بدآ قبل تسع سنوات، مئات الآلاف من القتلى بسبب العنف والمرض والمجاعة ونقص الرعاية الصحية. وتأثر عشرات الملايين غيرهم من الصراع اليمني، لكن قصة ذلك الصراع غالبًا ما رُويت، حتى الآن، على لسان الصحفيين والمنظمات الإغاثية والسياسيين.
كيف اختبر اليمنيّون فعليًا هذه الصعوبات؟ لمعرفة ذلك، طرح مشروع الاستماع إلى اليَمنيّين سؤالاً واحدًا على اليمنيين: «كيف أثّرت الحرب في اليمن على حياتك؟»
وأجاب عليه أكثر من 100 يمني– من داخل البلاد ومن جميع أنحاء العالم – حيث أرسلوا رسائل بريد إلكتروني ورسائل واتساب وملاحظات صوتية ومقاطع فيديو وقصائد وصور.
تتضمن تلك الرسائل شهادات عن خسارة الأحباب والممتلكات والحياة في المنفى، وما يعنيه العيش في ظل القصف والمعارك البرّية، ولكن هناك أيضًا حكايات عن الحب والترابُط العائلي، والصمود الشخصي والمهني في وجه العقبات التي قد تبدو مستحيلة.
عندما تتصدر وقائع اليمن عناوين الأخبار، فإنها، في كثير من الأحيان، تتحوّل إلى روايات مجهولة الهوية. لنبتعد عن ذلك ونلقي نظرة على الحياة خلف عناوين الأخبار، ونستمع إلى اليمنيين وهم يروون قصصهم، بكلماتهم الخاصة، باللغتين العربية والإنجليزية.
* لا تستطيع وكالة «ذا نيو هيومانيترين» التحقق بشكلٍ مستقل من تفاصيل كل قصة على حدة، وقد تم تحرير الأسلوب والطول ومستوى الوضوح في تلك القصص.
كيف جمع مشروع الاستماع إلى اليَمنيّين تلك القصص؟
طلبنا من الناس إرسال قصصهم، باللغة العربية أو الإنجليزية، من خلال نموذج عبر الإنترنت، أو عبر البريد الإلكتروني أو الفيسبوك، أو باستخدام رقم مُخصص للتواصل عبر واتساب. وبمجرّد وصول المُشاركات، طلبنا من الصحفيين المحليين جمع القصص من مختلف أنحاء اليمن التي لم يتم تمثيلها بشكلٍ جيد حتى الآن في المشاركات.
لماذا لم يتم نشر جميع القصص؟
لسوء الحظ، لم تتوفر لدينا المساحة الكافية لنشر جميع القصص، لكننا قرأنا كل قصة وردت إلينا.
هل تم تحرير القصص؟
تم تحرير القصص من حيث الأسلوب والطول والوضوح، كما أضفنا القليل من السياق إلى بعض القصص لمُساعدة القرّاء الذين لا يعرفون الكثير عن حرب اليمن، ولم تكن الترجمات بين اللغات ترجمة حرفية دائمًا.
ما الذي سيقوم به مشروع الاستماع إلى اليَمنيّين في المرحلة القادمة؟
سيستضيف المشروع فعاليات عبر الإنترنت وفعاليات حضورية تتمحور حول المشروع واليمن والصحافة الشاملة. اضغط هنا لتلقي المستجدات.
لدي فكرة لمشروع استماع خاص بي. مع من يجب أن أتواصل؟
يمكنك التواصل مع البريد الإلكتروني yemenlistening@thenewhumanitarian.org واستخدام عنوان الرسالة التالي: «فكرة مشروع استماع». إذا كان لدينا ما يكفي من المتقدّمين، سندعوك لحضور وُرَش عمل مستقبلية حول ما تعلمناه في عملية إنشاء مَشروع الاستماع إلى اليَمنيّين، وسنساعدك على التواصل مع الأشخاص الآخرين المهتمّين بنفس الأفكار.أين يمكنني معرفة المزيد حول اليمن؟
سيطر المتمردون الحوثيون، الذين يُطلق عليهم رسميًا اسم جماعة «أنصار الله»، على العاصمة اليمنية صنعاء في أواخر عام 2014. وفي مارس (آذار) من عام 2015، بدأ تحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في قصف الأجزاء التي يسيطر عليها الحوثيون في البلاد، كجزءٍ من حملة عسكرية لدعم الحكومة اليمنية المُعترف بها دوليًا.
يمكنك العثور على جميع مراحل تغطية وكالة «ذا نيو هيومانيترين» للحرب والأزمة الإنسانية في اليمن هنا.
ما هي وكالة «ذا نيو هيومانيترين»؟
«ذا نيو هيومانيترين» هي وكالة إخبارية غير ربحية تسخّر الصحافة عالية الجودة والمستقلة في خدمة ملايين الأشخاص المتضررين من الأزمات الإنسانية حول العالم. نحن ننقل الأخبار من قلب الأحداث والصراعات والكوارث لنشر الوعي بشأن التدابير الوقائية والاستجابة المناسبة.
الإخراج والمونتاج: | آني سليمرود |
تنسيق المشروع: | نهى الجنيد |
الترجمة: | سهى الجنيد ومؤسسة «نـتكلّم» |
إنشاء الموقع الإلكتروني: | مارك فير |
إنتاج محتوى الجمهور: | ويتني باترسن |
الفعاليات: | مات كروك |