عندما بدأت الحرب، كنّا نظن أن كل شيء انتهى، ولم نعلم أنها بدأت حقبة جديدة في حياتنا كيمنيين. بدأت الحرب ولم نكن نملك حتى بيت ونحن ستة إخوة وبنات. قررت حينها أن أدرس أي تخصص يحتاجه السوق. درست وأكملت بعد مشقة في ٢٠١٧.

لم أنتظر لمنظّمة حتى تساعدني أو دولة توظفني لأنّ المساعدات فقط لأصحاب البطون المفخمة. بحثت حتى حصلت على تأشيرة للعمل مع أحد معارف أبي. عندما قررت أن أسافر كانت جميع المنافذ مغلقة ما عدا منفذ الشحن، قررت الذهاب من خلاله. توسّط لنا شيخ في المنفذ وأعطوا لنا تأشيرة زيارة كعبور من عمان. توكّلت وكأني ملكت الدنيا، فأنا ذاهب لأعيل أسرتي. وصلت للمنفذ، دخلت فوجئت فلوسي خلصت. أنا أوّل مرّة أسافر، لقيت من هم رقيقي قلب، استأجر لنا سيارة قال لي اركب سنتحاسب في وقت لاحق. وصلت للمطار وكان لدي حجز مسبق، تفاجأت رحلتي مساء وأنا في الصباح. وجدت شخص آخر يقول لي حين رآني: "من أي محافظة؟" أخبرته من المحويت، قال لي: "والنعم وأنا من شبوة." أثنيت عليه وعلى قبيلته، تخاوينا اشوي ورحنا نتعشى، حلف العشاء عليا، فرحت فأنا لا أملك حينها شي. اشوي حجز لنا فندق لنستريح ويقول والله اني دافعه، أنا فرحت وأنا مليء بالخجل. ما أعظمكم من شعب صدق الرسول حين قال أرقّ قلوب وألين أفئدة.

استرنا لين المساء توجهنا للمطار. يا الله كم أنت عظيم، واسيتني في أشدّ أيامي وحاجتي وحفظت لي كرامتي. سافرنا للرياض، اشوي واتواصل مع اللي راح اوصل لعنده من جماعتي. بعد انقطاع في السفر، أرسل لي أحد أصحابه ليعطيني مصاريف. أرسل لي مبلغ يغطّي حاجتي. ركبنا ليموزين لعند أحد أصحابي وأنا أقول لصاحبي الحساب عندي وأنت في ضيافتي وجماعتي.

يا الله ما أعظمك، حفظتني وحفظت كرامتي في أعزّ أيام معاناتي. الحمدلله بعد جهد وعمل دؤوب بنيت البيت، تزوّجت وأخذت زوجتي عندي ودرّست أخواتي وكمان زوّجت أخي، والآن شريك في العمل اللي أنا فيه. يا الله ما أعظمك، لم تكن النهاية كما ظننت.